حلولُ الرّوحِ القدسِ على التّلاميذِ في العنصرة
يونيو 23, 2024تحضيراتُ لإقامةِ قدّاس إلهيّ في كنيسة النبي أشعيا – جرش
يونيو 24, 2024بعد خمسين يومًا من عيد الفصح، تحتفل كنيستنا بعيد العنصرة، أي بحلول الروح القدس على تلاميذ الرب يسوع المسيح. في حين كان اليهود في ذلك اليوم يحتفلون بتسليم الشريعة من الله إلى موسى.
اليوم يتحقق الوعد العظيم الذي للعهد الجديد، ألا وهو حلول الروح القدس، فالعهد القديم قدَّم الوعد بمجيء المسيح إلى العالم.
لقد دعا المسيح الروح القدس بالمعزي كونه يعزِّي ويتشفّع فينا. فالروح القدس، هو معزِّي البشريّة وهو يتشفَّع عند الآب السماوي من أجل المؤمنين المجاهدين. الروح القدس هو معلِّم المؤمنين، وتعاليمه هذه موحَّدة مع تعاليم المسيح. إن كل ما قاله المسيح لتلاميذه يفسِّره لنا الروح القدس. وأيضاً إن حلول الروح القدس هو إعلان مصالحة الإنسان مع الله.
في يوم الخمسين، نزل إلى الأرض مصدر كل الخير الروحي: أعني به الروح القدس الشفيع، الله الصالح والمتحنِّن. أما الخير الأعظم الذي أعطانا إياه المعزي في ذلك اليوم فهو ولادة كنيستنا، ولهذا نحتفل في يوم العنصرة بتأسيس الكنيسة الواحدة المقدسة الجامعة الرسولية.
في يوم الخمسين (عيد العنصرة)، تحتفل كنيستنا بالسِّر العظيم والمكرَّم، الذي هو تحقيق الرجاء وإتمامه، وتحقيق العهد والوعد وحلول الروح القدس. لأن حدث حلول الروح القدس على رسل المسيح، إنما هو قمَّة وذروة عمل المسيح الخلاصي بأكمله. والذي فيه ظهرت جميع أعمال ربنا ومخلّصنا يسوع المسيح: مجيئه وتعاليمه وآلامه وقيامته وصعوده. كل هذا تمَّ من أجل حلول الروح القدس على العالم، للخليقة الجديدة.
كما ويحتفل شعب الله في عيد العنصرة لميلاد الكنيسة، كون الروح القدس هو سرُّ حياة الكنيسة، لأن الكنيسة لم تعش سرِّ العنصرة للحظة واحدة من الزمن وفي يوم محدّد، أي في ذلك اليوم التاريخي، عندما غمر الروح القدس التلاميذ فحسب، ولكنها تعيشه يومياً وباستمرار، وفي كل لحظة من الزمن، منذ يوم ولادتها وحتى نهاية الزمن أي إلى يوم مجيئه الثاني المجيد.
لأن الروح القدس الذي حلَّ حينها ومنذ ذلك الحين لازال باقٍ وسيبقى إلى الأبد في العالم ليبني الكنيسة ويحافظ عليها. إن الروح والكنيسة متِّحدان بشكل لا ينفصم، فالروح القدس هو النفس والروح والحياة والوجود للكنيسة وللحياة الجديدة. إنه هو سبب وحدة الكنيسة وقداستها، وهذا ما يفسِّر أن الكنيسة واحدة جامعة مقدَّسة.
ومن الروح القدس تنبُع: النِّعَم ومواهب الكنيسة ومؤسساتها وإيمانها وكل لاهوتها. فالكنيسة تشعر بنفخات الروح القدس ولاهوته الناري في كل خطوة، وفي كل ظهور، وفي كل حركة، وهي في كل لحظاتها تشهد من خلال الروح القدس. منه تنبع جميع قدرات الأسرار المقدَّسة الفائقة الطبيعة، وهذه الأسرار هي التي تُحيي البشرية (الكنيسة)، وتغذيها وتقدِّسها، كونها هي جسد الرب.
في هذا اليوم المقدَّس (العنصرة) يدعونا الروح القدس للركوع في ديار الرب، وأن نحني ركبة قلبنا أمام أحضانه، سجوداً لقوَّته التي لا تُقهَر، مسبِّحين الثالوث القدوس الذي ينير نفوسنا ويقدِّسها. ومن خلال هذا الإجراء أي إحناء الركبتين والرَّقبة، والذي يدُل على التواضع، نحصل على نعمة الروح القدس المعزِّي، وهكذا يتجدد في حياتنا إشعال شعلة الروح القدس، ويثبِّت وجودنا فندرِك مكانتنا كأعضاء في الكنيسة، وكهياكل للروح القدس. لنصير هياكل وخيام نقيَّة وأواني طاهرة، آنية للمعزي الذي يملأ أرواحنا بروح الحكمة، وبكل قوّة إلهيّة للعمل بروح الفِطنة والصلاح والذهن النقي والاستقامة والتعقُّل، والروح الرئاسي الذي يستُر عيوبنا.
هذا هو الروح القدس، الرب المحيي، الإله الذي يؤلِّه البشر، والذي من خلال نعمته يحوِّلنا إلى “آلهة بالنعمة”.