لاهوت سر مسحة الميرون المقدس
يناير 11, 2024شروحات في خدمة سر الزواج المقدس
يناير 11, 2024الخطبَةُ تعني حرفيًّا: “رتبةُ خدمةِ العربون”. والعربون يعني “كلّ ما يوضَعً سَلَفًا للتّعاقُد المُستَقبليّ وعِهدةٌ لإتمامِه”.
هى ارتباطٌ لكن لا كارتباطِ الزّواج، لكنّها فترةٌ ليتّفقَ فيها الإثنان ويختبرا هل يستطيعـان أن يستمرّا مع بعضِهِما أم لا، فهى فترةُ استعدادٍ نفسيّ لتقبُلِّ الآخَرَ كزوجٍ أو زوجة.
يدُلُّ خاتمُ الذّهبِ فى صلاةِ الخطوبةِ على النّقاء، فيرتبطانِ فى نقاءٍ وان كانت هناك أخطاءٌ قبل الخطوبةِ يتوبُ كلُّ طرفٍ ويدخلُ فى حياةٍ جديدة. يُحفَرُ اسمُ العريسِ على خاتَمِ العروسِ واسم العروسِ على خاتَمِ العريسِ أي أنّ كلَّ واحدٍ باتَ يحمِلُ اسمَ الآخر. وهو العلامةُ الظّاهرةُ التي تُميِّزُ الخطيبَين أمام نفسَيهما وأمامَ النّاس.
إن أكثرَ ما يجبُ التّركيزُ على اكتشافِه في الآخَرِ في فترةِ الخطوبةِ هو الميولُ والتّوجُّهاتُ الرّوحيّةُ لأنّها الحارِسُ الحقيقيّ لاستقرار الأسرة. والتّوجُّهاتُ الرّوحيّةُ تتضمّنُ ممارسةَ الواجباتِ الرّوحيّةِ بانتظامٍ ومثابرة، كما تتضمّنُ ثَمَرَها، وذلك في السّلوكِ الرّوحيّ من وداعةٍ وتعفُّفٍ واحتمالٍ وبذلٍ وحِرصٍ على إرضاءِ الآخَر. فإن أمكنَ الاطمئنانُ إلى ثباتِ المَنهَجِ الرّوحيّ والسّلوكِ الرّوحيّ يكون هناك اطمئنانٌ أيضًا على وجودِ الأساسِ السّليمِ الذي ستُبنى عليه الحياةُ بعد الزّواج. وكذلك توافُرُ التّوافقِ بينَهُما الذي يمكِّنُهُما أن يعيشا حياةً مُشترَكَة تحتَ سقفٍ واحد. لذلك يجبُ أن يكرِّسَ كلٌّ من الشّابِ والفتاةِ فترةَ الخطوبةِ لتحقيقِ هذا الغرض. ولا ننسى هنا دورَ الأبِ الرّوحيّ لكلٍّ منهما.
طَقسُ الخُطوبَةِ
ما معنى وضُع مَحبَسَ الخطوبةِ في البُنصرِ الأيمن؟
أثناءَ خدمَةِ العُربون أو الخُطبَةِ تُتلى صلاةٌ مهمَّةٌ يُشرَحُ فيها معنى الخاتَم كما ورد في الكتابِ المقَدَّس: ” إنّهُ علامَةٌ يُثَبِّتُ بها اللهُ الوعدَ الذي وَعَدَ بهِ كلٌّ منهُما الآخَرَ كما ثَبَّتَ كلامَ عبدَ إبراهيمَ الذي أُرسِلَ ليَخطُبَ رِفقَة لإسحَقَ ( تكوين ٢٤) وهو علامَةُ المَحبَّةِ والأمانةِ والحَقِّ التي اتَّصَفَ بها يوسفُ في مصرَ (تكوين٤٢:٤١) وعلامةُ الرَّأفَةِ التي أظهَرَها الأبُ تِجاهَ الابنِ الضّالّ (لوقا 15)
لأنّكَ أنتَ يا ربُّ أوعَزتَ باعِطاءِ العُربونِ وبالثَّباتِ في كلِّ شيء. بالخاتَم دُفِعَ السُّلطانُ ليوسُفَ في مصرَ، وبالخَاتَمِ ظَهَرَت حَقيقَةُ ثامار، وبالخاتَم صارَ أبونا السَّماويُّ مترئِّفًا على الابنِ الضّال إذ قال: ضعوا خاتمًا في يمينِهِ واذبحوا العِجلَ المُسَمَّنَ لنأكُلَ ونَفرَح”. وتنتهي هذه الصلاةُ بالطَّلَبِ إلى اللهِ لِيُرسِلَ ملاكَهُ “لِيَسلُكَ أمامَهُما في كلِّ حياتِهِما”وَضعُ الخواتِم في اليدِ اليُمنى رمزٌ للقوَّة: “يَمينُكَ يا ربُّ هي التي جَنَّدَت موسى في البحرِ الأحمر، وبِكَلِمَتِكَ المُحِقَّة تَشَدَّدَت السَّماواتُ والأرضُ تَأسَّسَت، كذلك أيضًا تُبارِكُ يمينَ عبدَيكَ بكلِمَتِكَ العزيزَةِ وساعِدِكَ الرَّفيع».
أخيرًا تجدُرُ الإشارَةُ إلى أنَّ الخاتَمَ يرمُزُ إلى رِباطٍ أبديٍّ كونُهُ دائرةً لا بدايةَ لها ولا نهايةَ تمامًا كالأبديَّة.
يقدِّم الخاطبُ لخطيبتِه خاتَمَ الذّهبِ هذا إشارةً إلى رغبتِهِ الارتباطَ بها ومحبَّتِه لها وتكريمًا لها، ولتتزَيَّن به كعروسٍ له، وعربونًا لزواجِه العتيدِ بها وعلامةَ عهدٍ بينهُما يلتزِمُ به الطّرفانِ بالأمانةِ والإخلاصِ ونقاوةِ الانعطافِ القلبيّ نحو بعضِهِما البعض. والمخطوبةُ تقبلُ هذا الخاتَمَ علامةً على ختمِها لكلِّ ما يتضمَّنُه هذا الخاتَمُ من معانٍ ولكي تَختُم أيضًا على عهدِها بالأمانةِ لخطيبها على نفسهِ وعلى بيتهِ وعلى أبنائِه في حياتِهما الزّوجيَّة، ودليلًا على طاعتِها له وأنَّها تخصُّهُ هو، وليس لأحدٍ آخَرَ سلطانٌ على جسدِها. وكونُ الخاتَمِ من ذهبٍ فلكي تليقُ قيمتُهُ بكرامةِ عهدِ الزّيجةِ المقدَّسِ وعلامة أيضًا على سموِّ التّقديرِ وخلوصِ المحبَّة للعروس.
وهذا التَّقليدُ إنّما يستندُ إلى شواهدَ كتابيَّةٍ كَقولِ الرَّبِّ عن زَرُبّابِل “وأجعلُك كخاتَم، لأنّي قد اخترتُك، يقول ربُّ الجنود” (حِجّاي 2: 23). وقولُ نشيدِ الأناشيد “إجعَلني كخاتَمٍ على قلبِكَ، كخاتَمٍ على ساعِدِكَ. لأنَّ المحبَّةً قويَّةٌ كالموت” (نشيد الأناشيد 8: 6).
ويكون الخاتَمُ في الإصبعِ البُنصُر لليدِ اليُمنى في الخطوبةِ ثمّ يُنقَل لبُنصُرِ اليسرى في الإكليل علامةَ اقترابِهما القلبيِّ من بعضِهما البعض بالزّواج.
إنَّ لُبسَ الخاتَمَين يرمزُ إلى مفهومِ القيدِ الدّائم: “الرّجل مرتبطٌ بامرأته والمرأةُ مرتبطةٌ برجُلِها”(1كورنثوس 7: 1)، ومفهومُ السُّلطانِ العائليّ: فهما سَيِّدانِ في العائلةِ التي سيؤسِّسانِها، كما كان آدمُ والمرأةُ قبل الخطيئة “إذ أخضعَ لهما كلَّ شيء”. فلبسُ الخواتِم هو خاصٌّ بكلِّ من له سلطانٌ، بالملوكِ والأمراءِ الذين كانوا يوقِّعون به معاملاتِهم الرَّسميَّة، وهو أيضًا من حقِّ المدنيّين الأحرارَ لا العبيد.