
بطريرك صربيا يزور بيتَ لحمَ
أبريل 2, 2025
إجتماعُ رؤساءِ وممثِّلي الكنائِسِ في الأردنّ
أبريل 3, 2025الأصوام في الكنيسة تهيئة للأعياد حتى نختبر معناها ونحيا بمقتضاها، ولما كان الصوم الأربعيني تحضيرا روحيا لعيد “الأعياد وموسم المواسم” فإن الصوم الأربعيني المقدس هو صوم الأصوام وجهاد الجهادات الروحية الكبرى التي تؤهل النفس المؤمنة والتائبة لاقتبال أنوار القيامة المجيدة، من هنا نجد أن الرب يسوع غّير مفهوم الصوم وجعله قائما على الفرح وليس على الحزن والنوح ولبس المسوح وتعفير الجباه بالتراب كما كان سائدا بين اليهود، فعندما سُئل لماذا لا يصوم تلاميذك قال لهم : هل يستطيع بنو العرس أن ينوحوا ما دام العريس معهم ولكن ستأتي أيام حين يُرفع العريس فحيئذ يصومون” متى 15:9، إذا صوم الرسل مختلف في جوهره ومعناه عن الأصوام اليهودية وصار باعثه منبثقا من “رفع العريس” أي أن قيامة الرب من بين الأموات ليست أساس الإيمان المسيحي فحسب بل أساس الحياة المسيحية وكل أشكال العبادة بما فيها الصوم، من هنا نستطيع القول إن مضمون الصوم وغايته هو الفرح، الفرح بقيامة المسيح البهيجة.
للصوم في المسيحية معان عديدة بيْد أن غاية الصوم تبقى المصالحة مع الله و الذات والآخر ، من هنا كان أحد الغفران الذي يسبق بدء الصوم -وصلاة المسامحة التي نقيمها عشية الصوم – مدخلا أساسيا للصوم، ذلك أن سقوط الإنسان الأول قد نجم عنه العداوة أو بحسب التعبير الكنسي ” سياج العداوة المتوسط”، والصوم هو محاولة لاسترداد الحالة الفردوسية والتي تبدأ بتطبيق أول وصية كسرها آدم وحواء ” لا تأكل”، ولقد فهم آباء الكنيسة من هذه الوصية أنها تشير إلى الصيام، فإذا كان كسر وصية الصوم سببا في السقوط، فإن الالتزام بها،نصا وروحا، كفيل بأن يجعل الإنسان المؤمن على الطريق الصحيح للعودة إلى أحضان الآب السماوي.
جوهر المسيرة الصيامية هو التوبة، والتوبة تعني “تغيير الذهن” أي أن المسيحي مدعو إلى تغيير ذهنه وقلبه من خلال الإقلاع من الخطيئة والشهوات التي تؤدي إليها، وقد جاء الامتناع عن المأكولات الحيوانية ومشتقاتها كعامل مساعد وضروري لبلوغ الهدف أي التنقية، صحيح أن الصوم جوهره روحي لكن الإنسان ليس روحا فحسب بل روح وجسد معاً ، ولقد أثبتت خبرة الكنيسة الروحية أن الجسد الممتنع عن الرغبات الجسدية ،بما فيها الطعام، يساهم أيما مساهمة في الارتقاء الروحي، من هنا يقول بولس الرسول ” ولكن الذين هم للمسيح فقد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات” غل 24:5، في الصوم نشعر بالجوع وهذا يذكّرنا بأن “ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكلمة تخرج من فم الله” لو 4:4 الصيام ترقّب لحضور الله ليسد جوعنا ويروي عطشنا إليه. الصوم ذو طبيعة تقشفية حتى في الأطعمة النباتية تبتغي تدريب النفس على الإمساك عن كل تحب ليبقى الله وحده حبيب النفس التائقة إلى لقائه
الصيام تهيئة ” لاكتمال الفصح، الكشف الحقيقي” كما يقول اللاهوتي الكبيرالأب ألكسندر شميمن، على ضوء ذلك تكثف الكنيسة صلواتها وتقيم خدمة القداس السابق تقديسه وخدمة المديح الكبير لوالدة الإله وصلاة النوم الكبرى لكي تضع المؤمنين في أجواء عبادية تساعدهم على التوبة و الإنسحاق والتنقية ليعبُروا من موت الخطيئة إلى حياة البر والقداسة، أليس الفصح عبورا ! الصوم، في نهاية المطاف، تمتمات فصحية على رجاء انبلاج أنوار القيامة في حياتنا والعالم أجمع.