ما هي الأوقات التي يُمنع فيها الزواج
يناير 11, 2024ما المطلوب لِخدمة الذّكرانيّات
يناير 11, 2024تَنُصُّ قوانينُ الرّسل أنّه يَجب أن تُقام خِدمةُ الذّكرانيّات في اليوم الثّالث والتّاسع والأربعين بعدَ وفاةِ شَخصٍ ما، ثمّ بعدَ مرورِ سنةٍ كاملة.
يُخبِرُنا القدّيس إيسيذوروس الّذي من بلسيون في مصر أنّه يَجب أن تُقام خِدمة الذّكرانيّات في اليومِ الثّالثِ إحياءً لذِكرَى قيامة الرّبّ، الّتي حصلتْ في اليومِ الثّالث: وفي اليوم التّاسع إكرامًا لـ القوّات الملائكيّة، وفي اليوم الأربعين تِبعًا لتقليدٍ قديم، فعندما ماتَ موسى حَزِنَ عَليهِ اليهودُ لمدّة أربعين يومًا.
وقد تَكَلّمَ القدّيس غريغوريوس اللّاهوتيّ عن الذّكرانيّات السّنويّة في عِظَتِهِ أثناء جنّاز أخيه قيصريوس: “لقد قَدَّمْنَا هَذِهِ القرابين الآن وسَنُقَدِّمُ الباقي بالتّكريم وإقامة الذّكرانيّات كلّ عام”.
يَرى القدّيس سمعان التسالونيكيّ سَبَبًا رَمزيًّا مختلفًا لإقامة خِدمة الذّكرانيّات في اليّوم الثّالث والتّاسع. “تُقام خدمة الذّكرانيّات من أجل الرّاقدين في اليوم الثّالث لأنّ البشر يَستَمِدّونَ وجودَهُم من الثّالوث القدّوس ولأنّهم يُريدون أن يَتَحوّلوا ويَستعيدوا البهاءَ القديم الّذي كانَ لَديهم قبلَ السُّقوط ولربّما حتّى يُصبحوا أكثر بهاءً.
تُقام خدمة الذّكرانيّات في اليوم التّاسع من أجلِ نُفوسِ الرّاقدين عَسَى أن يُصبحوا أعضاء في ملكوتِ السّموات وأن يَكونَ لديهم طبيعة الملائكة نفسها…تَعود خِدمة الذّكرانيّات في اليوم الأربعين لِصُعودِ الرّبّ، الّذي حَدَثَ بعدَ نفس عدد الأيّام من قيامته: فتُقام من أجلِ الإنسان الرّاقد حتّى يَصعَدَ هو أيضًا بعدَ قيامتِهِ…ليُقابل الدَّيّان (الله)”
تُقام خِدمة الذّكرانيّات سنويًّا للاعتراف بالثّالوث القدّوس مرّةً أخرى ولِتَمجيد إلهَ الكلّ. يَتِمُّ ذَلِكَ من أجلِ الرّاقدين، بما أنَّنَا جميعًا نَسْتَمِدُّ بُنيَتَنَا الجسديّة من الثّالوث القدّوس وكلَّ رغبةٍ في أن نَتَّجِهَ نَحوَهُ عندما تَتَحرّر النّفوس من أجسادِنا … تُشكّل الذّكرى السّنويّة أيضًا إقرارنا الخاصّ بأنّ نفوسنا أزليّة وتَرْغَبُ بأن تُستَعاد عندما يَشاءُ الخالق إقامة أجسادنا…”
بالإضافةِ إلى ما وَرَدَ سابقًا، تَحتَفِلُ الكنيسةُ بِسَبتَينِ على مَدَارِ السَّنة حيثُ تُقامُ خدمة الذّكرانيّات لِجميعِ المسيحيّين منذُ بدءِ العالم وحتّى نهاية الأزمنة. تُسمّى هذه الأيّام “سَبت الأموات”.
حَدَّدَ آباءُ الكنيسة أنّ أوّل سَبت من هَذِهِ السُّبوت يَجب أن يَقَع قَبلَ ثمانيةِ أيّام من بدءِ الصّوم الكبير، أي في يومِ السّبتِ الّذي يَسبِقُ أحد الدّينونة (أحد مرفع اللّحم). تُقيمُ الكنيسةُ في هذا اليوم، خِدمة الذّكرانيّات من أجلِ جَميع أبنائِها الرّاقدين في أماكن بعيدةٍ أو في البحر أو في مناطق مُقفِرة، والّذين لم تُقَم من أجلِهم هذه الخدِم بانتظام وبالتالي حُرِموا من المنافع المتأتّيّة منها. محبةًّ منهم لِلبَشَرِيّة، حَدَدَّ الآباءُ القدّيسون هَذِهِ الخِدم مِن أجلِ جَميعِ الرّاقدين، حتّى يَتمّ ذِكر كلّ أولئك الّذين لم تُقَم مِن أَجلِهم خِدمة الذّكرانيّات الخاصّة بِهم.
لماذا اختار الآباءُ هذا السّبت بالتَحديد؟ لأنّ مقطع إنجيل اليوم التّالي يَصِفُ مجيء المسيح الثّاني؛ لذلك من المناسب أن نَتَذَكّرَ هَذِهِ النّفوس من أجلِ أن نَطلُبَ من دَيّانِنا المَرْهُوب أن يكون مُتَعطِّفًا كالمُعتاد وأن يَعتَبِرهُم مُستَحقّين للفرحِ الّذي وَعَدَهُم بِهِ.
تَحْتَفِلُ الكنيسة بسبتِ الأموات الثّاني بعدَ تِسعةِ أيّامٍ من صُعودِ ربّنا يسوع المسيح، أي يوم السّبت الّذي يَسبِقُ عيد العنصرة.
تَذكُر الكنيسةُ في هَذِهِ الخِدَم جَميعِ الأتقياءِ الرّاقدين من زَمَنِ آدم حتّى الآن.
تُصلّي الكنيسةُ مِن أجلِهِم وتَطلُبُ من المسيح الّذي صَعِدَ إلى السّماء وجَلَسَ عن يَمينِ الآبّ أن يَجْعَلَهُم مُستَحِقِّين لِجوابٍ حسنٍ في يوم الدّينونة، عندما يَقِفون أمامه، هوَ الّذي سَيدين كلّ الأرض. كما تَطلب الكنيسةُ من المسيح أن يَسمَحَ لَهم بالوقوفِ بفرحٍ عن يَمِينِه، بين الأبرار مع جوق قدّيسيه البهيّ . فهي تُصلّي كي يكونوا مُسْتَحِقِّين أن يَرِثُوا ملكوتَهُ. لا تُصليّ الكنيسةُ فقط للمسيحيّين، إذ لم يكن هناك مسيحيّون من زمن آدم حتّى زمن المسيح، بل إنّها تُصلّي من أجل الجميع.
هنا حَيثُ يَستطيعُ للمرء أن يَرَى مَحبّة الكنيسة للجنسِ البشريّ بأكمله.