الجنازة والنياحة والذكرانيات

ان الموت حدث مؤكد في حياتنا ، ومع ذلك كثيرون منا لا يريدون حتى النقاش فيه ، يريدون أن ينسوه او ان يتناسوه ولكن هل نستطيع أن ننسى أننا مائتون … زائلون ؟ إن الإنسان لا يريد أن يستسلم للموت، وهذا بالذات هو برهان على عدم موته، ” من آمن بي ولو مات فسيحيا ” ( يو ۲۵:۱۱ ) – إننا هنا نرى السيد يكشف ويؤكد لنا عن الطريق التي تقود إلى عدم الموت، إلى القيامة ، إلى الحياة وهو الذي بذل نفسه فدية للموت الذي كان مستولياً علينا أرقاء تحت الخطيئة، وانحدر بالصليب إلى الجحيم فحل أوجاع الموت وقام في اليوم الثالث فطرق لكل ذي جسد طريق البعث من بين الأموات فصار باكورة الراقدين وبكراً من بين الأموات، وفقط الذين يؤمنون به يستطيعون أن يتخطوا هذا الحاجز الا وهو القبر ( الموت ). لأنه يوجد قيامة وعدم فساد.

ان هاتين الحقيقتين راسختين في إيماننا الأرثوذكسي، وهؤلاء الذين يؤمنون بذلك يكون لديهم رجاء، وهم الذين ربما يخافون من الموت ولكنهم من المؤكد أنهم لن ييأسوا

بالتالي فالجسد فقط يموت، يفسد وينحل ( إلى ما تركب منه ) أما النفس فتمضي إلى حيث أخذت وجودها منه وتلبث هناك إلى يوم القيامة العامة. حيث أن النفس ستلبس الجسد الجديد الروحي ” يزرع جسداً بشرياً مادياً فيقوم جسداً روحانياً ” ( ١ كو ٤٤,١٥ ) وهكذا سيحيا الإنسان الحياة الأبدية التي قال عنها السيد:

” الحق الحق اقول لكم إن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي ارسلني فله الحياة الأبدية ولا يأتي إلى دينونة بل قد انتقل من الموت إلى الحياة ” 

هذه هي الحقيقة، إن الراقد ” قد انتقل من الموت إلى الحياة “. بالتالي هو عضو حي في جسد الإله الحي، وجسد يسوع هو الكنيسة ولهذا السبب فالكنيسة تتكون من جزئين هما: الكنيسة الظافرة. المنتصرة ( أي كل هؤلاء الذين سبقونا على رجاء القيامة والحياة الأبدية )، والكنيسة المجاهدة ( أي نحن الأحياء المنتمين إلى الكنيسة والذين نعيش حياتها ). ومن هنا يقول آباء الكنيسة: أنه لا يوجد موت في الكنيسة، في جسد يسوع المسيح، بل يوجد رقاد، انتقال، وإنما الموت هو فقط موت الخطيئة. لذلك فكثيرون من الأحياء الذين نراهم هم في الحقيقة أموات، وكثيرون من الأموات في القبور هم في الحقيقة أحياء .

إننا في الكنيسة ، أحياء ورافدين، ما زلنا متحدين، لأننا أعضاء في جسد واحد ورأس هذا الجسد هو المسيح . فمن هنا تنبع مسؤولية الواحد تجاه الآخر، الأحياء تجاه الراقدين، حيث أن قمة هذه المسؤولية والواجب والتي تعبر تعبيراً حقيقياً عن المحبة والاحترام لهم هي الصلاة من أجلهم. فإننا نرى ذلك واضحاً في الكتاب المقدس فمثلاً في العهد القديم يوجد صلاة من أجل الراقدين ( ٣ مكابيين (٤٠:١٣)، وفي العهد الجديد نرى الرسول بولس في رسالته إلى تيموثاوس يصلي من اجل الونيسوفوروس الراقد، بالطبع إن كل إنسان سيدان على حسب أعماله حيث لا توجد توبة بعد الموت، ولكن رحمة الله عظيمة ولا نستطيع أن ندرك احكامه. لذلك فكنيستنا المقدسة ومنذ القرون الأولى للمسيحية وضعت صلوات من أجل نفوس الراقدين بالرب، فهناك صلوات من أجل الراقدين كما للأحياء في كل قداس إلهى يقام. كما وأن القوانين الرسولية تذكر وتحث على صلاة النياحة، وكل الآباء القديسين يتفقون على أن نفس الراقد ترتاح وتستفيد من هذه الصلوات ( منهم القديسين كيرلس الأورشليمي / يوحنا الذهبي الفم / يوحنا الرحيم ومكاريوس ). والمقصود بالصلاة من أجل الراقدين :

(1) إقامة القداديس عن نفس الراقد من أجل غفران خطاياه وراحة نفسه، وخاصة في الأيام الأربعين الأولى من وفاته ( ويفضل أن تجرى باستمرار ). وأن يذكر اسمه من قبل الكاهن على المذبح المقدس ” الذكراتية ” حيث انه في نهاية القداس الإلهي يسقط الكاهن كل الأجزاء الموجودة على الصينية المقدسة ( وهذه الأجزاء هي أسماء الأحياء والراقدين ) في الكأس المقدس قائلاً : اغسل يا رب خطايا وذنوب وآثام عبيدك بدمك الكريم ” .

(۲) إقامة صلاة الجناز والنياحة في اليوم الثالث والتاسع والاربعين ونصف السنة والسنة وسبتي الأموات ( السبت الذي يقع قبل أحد مرفع اللحم والسبت الذي يقع قبل أحد العنصرة ) وسنوياً في تذكار وفاته ، كما يُفضّل أن تُجرى صلاة الجناز بعد القداس الإلهي مباشرة. وهنا علينا أن ننوه بالا نسمح للعادات الإجتماعية بأن تكون على حساب إيماننا وطاعتنا للكنيسة وبالتالي على حساب حياتنا الروحية وراحة نفس المنتقل عنا . فمثلاً عادة دمج جناز الثالث والتاسع والأربعين في آن واحد ، فمن الأفضل أن يقام جناز الثالث والتاسع والأربعين كل في وقته اللازم مقتصراً على العائلة فقط . وأيضاً من العادات الإجتماعية المرفوضة بالكنيسة الإمتناع عن المجيء إلى الكنيسة معللين ذلك بأنها فترة حداد . ويجب عدم تقديم الطعام غير المسموح به ( المفطر ) في أيام الصوم ( الأربعاء والجمعة من كل أسبوع ، صوم الفصح ، الميلاد ، والرسل وصوم العذراء ( لأننا بذلك نكون من جهة نطلب من الرب الرحمة للفقيد ومن جهة أخرى نخالف وصايا الكنيسة .

(3) إقامة أعمال الرحمة عن روح المنتقل من خلال مساعدة مؤسسات خيرية وأسر محتاجة ونشر كتب صلوات وخدم إلهية . والإستعاضة عن الأكاليل والتقنين من طعام الرحمة والتبرع بثمنها لأعمال خيرية

(٤) أن نصلي صلاة المسبحة في قانوننا الروحي اليومي طالبين الرحمة لنفس المنتقل ” ايها الرب يسوع المسيح ارحم عبدك فلان ” أو ” أيتها الفائق قدسها والدة الإله خلصي عبدك فلان ” . ونشترك في صلاة الجناز والنياحة المقامة للراقد في داخل الكنيسة وليس خارجها .

خدمة صلاة الجناز

تقام في اليوم الثالث أو التاسع أو الأربعين من الوفاة و ممكن اقامتها في تذكار نصف السنة والسنة، وفي تذكارات أخرى) بعد نهاية القداس الإلهي يخرج

اقرأ المزيد »

رموز الخدمة

Edit Content

هل خدمة الذّكرانيّات مفيدة

وِفْقًا لِخِبْرَةِ الإكليروس، يشهد آباءُ الكنيسةِ والكنيسة نفسُها أنّ خِدمة الذّكرانيّات مُفيدَةٌ للغايّة. دَعُونا أوّلاً نَستعرض ما يَقُوله الآباء العظماء فيما يَتَعَلّقُ بالفوائدِ النّاجِمَةِ عن إقامَة

اقرأ المزيد »
Edit Content
Edit Content

هل خدمة الذّكرانيّات مفيدة

وِفْقًا لِخِبْرَةِ الإكليروس، يشهد آباءُ الكنيسةِ والكنيسة نفسُها أنّ خِدمة الذّكرانيّات مُفيدَةٌ للغايّة. دَعُونا أوّلاً نَستعرض ما يَقُوله الآباء العظماء فيما يَتَعَلّقُ بالفوائدِ النّاجِمَةِ عن إقامَة

اقرأ المزيد »
Edit Content
Edit Content